سورة الحاقة - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحاقة)


        


{وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ (41) وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (42)}
قوله تعالى: {وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ} لأنه مباين لصنوف الشعر كلها. {وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ} لأنه ورد بسب الشياطين وشتمهم فلا ينزلون شيئا على من يسبهم. وما زائدة في قوله: قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ، قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ، والمعنى: قليلا تؤمنون وقليلا تذكرون. وذلك القليل من إيمانهم هو أنهم إذا سئلوا من خلقهم قالوا: الله. ولا يجوز أن تكون ما مع الفعل مصدرا وتنصب قَلِيلًا بما بعد ما، لما فيه من تقديم الصلة على الموصول، لان ما عمل فيه المصدر من صلة المصدر. وقرأ ابن محيصن وابن كثير وابن عامر ويعقوب {ما يؤمنون}، و{يذكرون} بالياء. الباقون بالتاء لان الخطاب قبله وبعده. أما قبله فقوله: تُبْصِرُونَ وأما بعده: فَما مِنْكُمْ الآية.


{تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (43)}
قوله تعالى: {تَنْزِيلٌ} أي هو تنزيل. {مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ} وهو عطف على قوله: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [الحاقة: 40]، أي إنه لقوله رسول كريم، وهو تنزيل من رب العالمين.


{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ (44) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ (46)}
قوله تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ} تَقَوَّلَ أي تكلف وأتى بقول من قبل نفسه. وقرئ: {ولو تقول} على البناء للمفعول. {لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} أي بالقوة والقدرة، أي لاخذناه بالقوة. ومِنْ صلة زائدة. وعبر عن القوة والقدرة باليمين لان قوة كل شيء في ميامنه، قاله القتبي. وهو معنى قول ابن عباس ومجاهد. ومنه قول الشماخ:
إذ ما راية رفعت لمجد *** تلقاها عرابة باليمين
أي بالقوة. عرابة أسم رجل من الأنصار من الأوس.
وقال آخر:
ولما رأيت الشمس أشرق نورها *** تناولت منها حاجتي بيميني
وقال السدي والحكم: بِالْيَمِينِ بالحق. قال:
تلقاها عرابة باليمين ***
أي بالاستحقاق.
وقال الحسن: لقطعنا يده اليمين.
وقيل: المعنى لقبضنا بيمينه عن التصرف، قاله نفطويه.
وقال أبو جعفر الطبري: إن هذا الكلام خرج مخرج الاذلال على عادة الناس في الأخذ بيد من يعاقب. كما يقول السلطان لمن يريد هوانه: خذوا يديه. أي لأمرنا بالأخذ بيده وبالغنا في عقابه. {ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ} يعني نياط القلب، أي لاهلكناه. وهو عرق يتعلق به القلب إذا انقطع مات صاحبه، قاله ابن عباس وأكثر الناس. قال:
إذا بلغتني وحملت رحلي *** عرابة فاشرقي بدم الوتين
وقال مجاهد: هو حبل القلب الذي في الظهر وهو النخاع، فإذا انقطع بطلت القوى ومات صاحبه. والمؤتون الذي قطع وتينه.
وقال محمد بن كعب: إنه القلب ومراقه وما يليه. قال الكلبي: إنه عرق بين العلباء والحلقوم. والعلباء: عصب العنق. وهما علباوان بينهما ينبت العرق.
وقال عكرمة: إن الوتين إذا قطع لا إن جاع عرف، ولا إن شبع عرف.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7